رأي

رأي / المنتفعون والخاسرون من مشروع تعديل القانون الإنتخابي في تونس... وماذا لو تأجّلت الإنتخابات؟

رأي / المنتفعون والخاسرون من مشروع تعديل القانون الإنتخابي في تونس... وماذا لو تأجّلت الإنتخابات؟

17 جوان 2019 11:27

بقلم د. أعلية العلاني. باحث وأكاديمي في القضايا الاستراتيجية

 

أثار مشروع تعديل القانون الانتخابي في تونس الذي ربما يتم التصويت عليه يوم 18/06/2019 جدلا كبيرا على الساحة السياسية الوطنية. فمن هم المنتفعون الرئيسيون من هذا التعديل؟ ومن هم المنتفعون الثانويون؟ ومن هم الخاسرون؟

1 – المنتفعون الرئيسيون من التعديل

هم حركة النهضة التيار الرئيسي في الإسلام السياسي بتونس التي أصبح لها جمهور شبه قار تضم كتلته 500 ألف ناخب حسب نتائج الانتخابات البلدية والمحلية الأخيرة في ماي 2018 وهذا الرقم يمثل 7 بالمائة من عدد الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات القادمة وهم7,2 مليون ملا ناخب. وستحاول حركة النهضة من خلال هذا التعديل للقانون إبعاد منافسين جدد والانتفاع من الأصوات التي ستذهب إليهم.

2- المنتفعون الثانويون

هم الأحزاب الحاكمة مثل حزب " تحيا تونس" لرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد، وحركة "نداء تونس" وحلفائهما وربما بعض الأحزاب المعارضة. لكن هذا الانتفاع الثانوي يبقى محتملا وبدرجات متفاوتة، لأن الكتلة الناخبة الجديدة (ما عدا الجزء التابع للنهضة) ستستعمل التصويت المفيد بالنسبة للبعض والتصويت العقابي أو الانتقامي بالنسبة للبعض الآخر. وهو ما يجعلنا لا نتكهن بسهولة لمن سيحققون انتفاعا ثانويا أقل أو انتفاعا ثانويا أكثر. ويبدو أن الحزب الدستوري الحر برئاسة عبير موسي وحزب البديل برئاسة مهدي جمعة والتيار الديمقراطي برئاسة محمد عبو سينتفعون كذلك ثانويا من مشروع تعديل القانون الانتخابي.

3- الخاسرون

وهم بعض الشخصيات الإعلامية وبعض رؤساء الجمعيات الذين سيلجأ معظمهم للقائمات المستقلة في الانتخابات القادمة وهذا ما سيُحدث انتقاء كبيرا في هذه القائمات والتي لن يصمد منها سوى القائمات التي تضم أشخاصا لهم إشعاع قوي. ويتوقع عديد المحللين أن تسجل القائمات المستقلة مفاجأة كبيرة في الانتخابات القادمة ويمكن أن تكون ضمن المراتب الثلاث الأولى.

خلاصة القول أن الرأي السياسي في تونس يميل في معظمه إلى عدم إجراء هذا التعديل خاصة وأنه أصبح مسنودا بمواقف أكبر المنظمات الوطنية اتحاد العمال (أي الاتحاد العام التونسي للشغل) واتحاد الأعراف (أي اتحاد الصناعة والتجارة) وبالتالي تصبح أي خطوات غير مدروسة لمسألة تعديل القانون الانتخابي تعود سلبا على المتمسكين بهذا التعديل. ولذلك تتحدث بعض الكواليس عن أربع فرضيات: إما على تصويت لايت (خفيف ومحدود) لهذا التعديل لا يمس من جوهر المنافسة الانتخابية، أو الإبقاء على القانون الحالي، أو عن تأجيل للانتخابات لعدة أشهر، أو عن إجراء استفتاء عام خلال الفترة الممددة حول طبيعة النظام السياسي في تونس (رئاسي أو برلماني سواء كان معدلا أو غير معدل إلخ) وحول القانون الجديد للانتخابات.

4) دلالات الترفيع في التسجيل  مؤخرا بالقائمات الانتخابية

هذا الترفيع في عدد المسجلين بلغ مليونا ونصف بما يجعل الكتلة الجديدة للناخبين تضم  أكثر من 7 مليون ناخب بقليل (تحديدا 7,2 مليون ناخب)،  وهذا له 3 دلالات:

الدلالة الأولى: أن 70 بالمائة من المسجلين مؤخرا في القائمات الانتخابية من الشباب يقل سنهم عن 35 سنة، وهؤلاء لهم احترازات على أداء الحكومة، وبالتالي فأصواتهم ستذهب إلى قوى جديدة.

الدلالة الثانية: أن المتضرر من المسجلين الجدد في القائمات الانتخابية هي أيضا حركة النهضة لأن لها جمهور قار منضبط، ولو كان هؤلاء قريبين من حركة النهضة لسجّلوا أنفسهم قبل تمديد التسجيل الذي أضافته اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، بالإضافة إلى أن هناك معلومات غير رسمية تشير إلى أن بعض الأحزاب الكبرى ومنها حركة النهضة قامت بسبر خاص لتقييم شعبيتها وجدت أن أسهمها في انحدار في الانتخابات القادمة.

الدلالة الثالثة: إن بلوغ الكتلة الانتخابية الحالية لرقم 7 ملايين ناخب ستشكل مستقبلا جرس إنذار ضد أي حكومة تأتي بعد الانتخابات القادمة لا يكون لها برنامج جدي وعملي وواقعي للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، لأن كتلة السبع ملايين ناخب ستصبح في الانتخابات الموالية تقارب 9 أو 10 ملايين ناخب لن يقبلوا خطاب الوعود والشعارات.

إن المسؤولين في الحكم حاليا إذا لم ينجحوا في رسم خارطة طريق لمستقبل الحكم في تونس بكل جوانبه لن يكون لهم مستقبل سياسي.

5) ماذا لو وقع تأجيل اضطراري للانتخابات في تونس؟

أعتقد أن السيناريو الأسلم إجراء الانتخابات في وقتها إلا في حالات اضطرارية يحددها القانون ونرجو أن لا نمر بها، لكن في صورة الاضطرار إلى تأجيل الانتخابات فأقترح أن لا يتجاوز التأجيل بضعة أشهر وأقترح كذلك أن يتم خلال هذه الفترة الممددة إنجاز ثلاثة أشياء:

أولا: انتخاب المحكمة الدستورية والتنديد لدى الرأي العام بكل من يعمل على عرقلة إنجازها.

ثانيا: استكمال إنجاز كل الهيئات الدستورية المتبقية وعدم المساس باللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتوسيع صلاحيات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والترفيع في ميزانيتها.

ثالثا: القيام باستفتاء عام حول طبيعة النظام السياسي والقانون الانتخابي الجديد ومجلة الحكم المحلي التي تستوجب تعديلات بعد تقييم ما حصل إثر الانتخابات البلدية الأخيرة لسنة 2018.

6) احذروا من موجة ثالثة لانتفاضات الربيع العربي

إن مستقبل النظام الديمقراطي في تونس مهدد إذا لم تقع هذه الإصلاحات العميقة، لأن ذلك ربما يؤدي إلى موجة جديدة ثالثة لانتفاضات الربيع العربي، ولأن ما يحدث في الجزائر والسودان ربما يُلقي بظلاله على تونس. إنه لا يمكن تحصين تونس إلا من الداخل، وبعبقرية أبنائها، وبالتخلي عن الحلول الترقيعية.

أختم فأقول، إن أي حكومة تونسية في المستقبل لا تستطيع الحصول على رضاء الشعب إلا إذا احترمت مؤسساتها المنتخبة وخاضت حربا حقيقية ضد الفساد، وحربا حقيقية ضد التهميش الاقتصادي والاجتماعي، وحربا حقيقية علي عدم المساواة في النظام الجبائي. هذه إصلاحات مفاتيح هي التي ستُسقط أو تدعم أي حكومة في المستقبل.

17 جوان 2019 11:27

المزيد

رضا الدلاعي: موقف راشد الغنوشي غير مسؤولٍ والقرار ليس بيده

عبّر النائب عن حركة الشعب، رضا الدلاعي في تصريح لـ"آخر خبر أونلاين" صباح اليوم، الثلاثاء 9 جوان 2020، أن تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي غير مسؤول ولا يراعي دقة ...

09 جوان 2020 09:19

حمة الهمامي يكتب عن نبيل البركاتي في الذكرى 33 لإستشهاده

  وصل " آخر خبر أونلاين " من الأمين  العام لحزب العمال حمة الهمامي النص التالي عن نبيل البركاتي في الذكرى 33 لاستشهاده    إِلَى الخَالِد...  نبيل بَرَكَاتِي في ...

08 ماي 2020 09:07

تحليل / فيروس "كورونا" القاتل لن يقضي على العولمة

  وكالات - في أعقاب تفشي فيروس كورونا المستجد والذي يجتاح العالم حاليا، ظهرت مجموعة من المقالات التي تنعي العولمة، مثل "تفش عالمي يغذي رد الفعل العكسي ضد العولمة"، ...

26 مارس 2020 09:06

تحليل / تكهّنات حول أسرارٍ عسكريّة إيرانيّة وراء التراجع الأمريكي

   للمرة الثالثة في عهد الرئيس ترامب يحبس العالم أنفاسه ويبدو مشدوهاً أمام  الإنحدار نحو شفير هاوية حرب قد تتدحرج لتتهدد البشرية جمعاء، بدءاً من كوريا الشمالية ...

21 ماي 2019 08:53

كيدارسيدين.. أول مضاد حيوي ضد السرطان

   كشف علماء عن ابتكارهم مضاد "كيدارسين" الحيوي، الذي يمتاز بقدرته على إتلاف الحمض النووي للبكتيريا والخلايا السرطانية.   وابتكرت هذا المضاد الحيوي مجموعة علماء ...

26 افريل 2019 22:43