رواية ماكينات الحرب للصحفي برهان اليحياوي... حديث في حلم الثورة وطرق عيش الإرهابيين في الجبال وجولة في عالم المفروزين اجتماعيّاً

 

 

 

 

صدرت مؤخّراً رواية "سبعة أيّام/ ماكينات حرب" للصّحفي والكاتب التونسي برهان اليحياوي. والرّواية هي ثالث إصدارات اليحياوي بعد كتاب "كلاشطاير" و"أنا وظلّال". وهي أولى تجاربه الروائية بعد جمعه بين التوثيق واليوميات في إصداريه السابقين.

وتناولت الرواية، الصادرة عن دار ورقة للنشر، في حجم متوسط(220 صفحة)، أبعادا كثيرة جوهرها قضايا من اعتبرهم الكاتب في نصه مسحوقين ومفروزين اجتماعيا. فقد جمع اليحياوي شخصيات روايته في سيارة أجرة ورحل بنا في ثنايا معاناتهم المجتمعية أو النفسية أو العاطفية أو الاجتماعية.

ولم يخف انحيازه لشريحة لا تزال تبحث عن استحقاقاتها المختلفة. فرحل بنا عبر شخصية ناجية في صراعها الطبقي ضد المستثمر الكبير مالك العمارة عدد 7 وسمسار العمارة عدد 14. في إشارة رمزية إلى هيمنة الأولغارشيا  على المشهد قبل الثورة وبعدها. وما خلفته من سياسات عطلت مصعد العمارة أمام سكان الأقبية. وهو ما عاشته تونس فعلا عندما بات المصعد الاجتماعي معطلا أمام الطبقة الوسطى التي التحقت بعموم المفقرين.

صراع ناجية في الرواية، لا يختلف عن حرب حوّلت غازي، من سارق صغير إلى إرهابيّ، مكرها ومجبرا، ليصف الكاتب حياة الإرهابيين في الجبال التونسية، بدقة وحذر، استنادا إلى تجربته الاستقصائية انطلاقا من مهنته، وهو الذي عمل كثيرا على قضايا الإرهاب وشرحها وفصّلها صحفيا. 

واحتوى الكتاب أسماء إرهابيين حقيقيين في مرواحة بين واقع الحياة وتخييل فنّ السرد في روايته.

أما أيمن الصحفي، البطل الخفي للرواية، فقد كان عين الراوي وقلمه وضميره. كان أيضا عنصر الشك والوعي بالمفهوم الفلسفي، وهو من كَتب كلّ ما كُتب للقارئ.

ماكينات الحرب التي استبقت حدث سقوط منظومة ما قبل 25 جويلية، عندما تعرض كاتبها إلى تلك الإشارات التي برزت عاماً بعد عام في الاحتجاجات التي جابت البلاد في كل شتاء ما بعد الثورة، ولم تفهمها تلك الطبقة السياسية، لم تخلُ من السياسة، فاليحياوي كتب في نصه وبين أسطره أن  إدارة الشأن العام قد تأكل نفسها بنفسها إن لم تضع الإنسان جوهر اهتماماته. لينتج رواية صالحة لكلّ الزمان.

الرواية التي ننصح بشدة بقراءتها، موجودة بمكتبة الكتاب وبجل مكتبات تونس.