قال الكاتب و المحلل التونسي المقيم في عمان فوزي يونس حديد إن العدوان الثلاثي على سوريا لم يكن مفاجئا، بل كان معلوما من الجميع بعد التهديد والوعيد الشديد الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال تغريداته التي أزعجت العالم كله، بيْد أن الضربات التي أطلقتها الدول الثلاث كانت محدودة جدا ولم تغيّر شيئا من موازين القوى في سوريا.
و أضاف، في حديثه لـ"آخر خبر أونلاين" اليوم الإثنين 16 أفريل، أن الدول الثلاث بهذه الضربات تنبّه روسيا قبل سوريا أن هناك تحالفا تكوّن من أجل هذه القضية لمعاقبتها على أفعالها وعلى ما قامت به من تسميم الجاسوس الروسي في بريطانيا، ولا تريد الدول الثلاث أن تشتبك مع روسيا الحليف القوي لسوريا ولا روسيا تسمح لهذه الدول بأكثر من هذه الضربات التي قامت بها.
و أكّد ان هذه الضربات ربما فاجأت الكيان الصهيوني الذي كان يتوقع ضربات موجعة ومؤلمة يمكن أن تردع سوريا وترهب روسيا، غير أن الذي حدث عكس ما كان متوقعا من الجميع الذي كان يترقب اللحظة التي تضرب فيها أمريكا دمشق، وعندما جاءت محدودة فهي تنبئ بوجود معارضة شديدة من البنتاغون الذي يبدو أنه غير مستعد لفتح جبهة هي ساخنة بالأساس، وهناك تخوّف حقيقي من التصادم مع روسيا فيما لو قتل جنود روس في هذه الضربات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل حققت هذه الضربات أهدافها؟
في إجابة عن هذا السؤال لفت حديد أنّ لا ريب أن هذه الضربات لم تحقق أيا من أهدافها التي رسمتها، فإذا كان هدفها تغيير النظام في سوريا، فهذا من المحال، وإذا كان الهدف القضاء على المنتوج الكيماوي في سوريا فهذا سخيف لأن فريق منظمة حظر الأسلحة لم يتوجه بعد للتحقق من وجود هذا العنصر الكيماوي من عدمه بل جاءت الضربات سابقة لتقرير الفريق، وإذا كان الهدف من الضربات تحطيم معنويات الشعب السوري، فقد خرج الشعب السوري بعد العدوان ليعلن أنه مع النظام وأنه أقوى مما كان، وبالتالي فإن هذه الضربات التي قامت بها الدول الثلاث ضربات عشوائية عدوانية هدفها الحقيقي إظهار القوة الاستعمارية الامبريالية وابتزاز الدول العربية وخاصة السعودية لدفع المزيد من الأموال مقابل ما تفعله هذه الدول وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت الى ان المنطقة لن تتأثر بهذه الضربات على اعتبار أن المنطقة مقبلة على تكتلات جديدة، وإنما تبقى التحرشات – إن صح التعبير- بين دول المقاومة ودول الاحتلال والاستعمار، ويبقى الحليف الروسي الضامن لعدم إدخال المنطقة في أتون حرب لا يعلم عواقبها إلا الله وستكون نتائجها وخيمة على كل الدول بما فيها إيران وتركيا وسوريا وحتى إسرائيل باعتبارها تريد أن تهيّج المنطقة نحو بتْر اليد الإيرانية الممتدة إلى سوريا والعراق واليمن ولبنان.
أما عن الموقف العربي فاعتبره محدثنا موقفا مخزٍ من الدرجة الأولى، فلم يشر بيان القمة من قريب أو بعيد إلى هذا العدوان ولم تتلق سوريا دعوة لحضور القمة بل بقي المقعد شاغرا، ومما جعله أكثر خزيا وعارا أنه لم يشر إلى المسيرات الفلسطينية التي قام بها الشعب الفلسطيني طوال الأسابيع الماضية تعبيرا عن رفضهم القاطع لما يقوم به الكيان الصهيوني من قتل وتهجير واغتصاب وغيرها من مفردات الإجرام، فالقمة سخر منها العربُ قبل العجمِ، لأنها قمة فارغة المضمون ولم تغيّر شيئا في الواقع المؤلم الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم.
ويبقى الرهان على الشعوب العربية بعد أن خنع ساستهم للإرهاب الأمريكي، على الشعوب أن تتحرك وتنتفض وتقف في وجه الاستعمار والاحتلال والامبريالية المقيتة التي ما فتئت تغرس مخالبها في دولنا العربية وتنهش ثرواتها أمام مرأى ومسمع من العالم، فلا بد أن تعلّم الشعوب ساستها معنى العزّة والكرامة في قممهم، فقد استعْلت عليهم مندوبة الولايات الأمريكية ومندوبة بريطانيا في مجلس الأمن وكشّرتا عن أنيابهما في وجه محور المقاومة والعزة والكرامة، وعندما تنهض الشعوب لن يوقف مسيرتها إلا الاستقلال التام.
