اقتصاد

 تقرير / كلفة توقف العمل خلال الاسبوع القادم تتجاوز 1340 مليارا... و مستوى الانتاج يواصل تقهقره

تقرير / كلفة توقف العمل خلال الاسبوع القادم تتجاوز 1340 مليارا... و مستوى الانتاج يواصل تقهقره

09 اوت 2019 23:30 حليم سلامة
خمسة عشر يوما هو عدد ايام العطل و الاعياد الرسمية وفق بيانات رئاسة الحكومة بعنوان السنة الحالية و يبدو انه و لاول مرة منذ سنوات طوال يصل عدد ايام العطلة لعيدي الفطر و الاضحى المقررين لهذا العام الى نحو اسبوع كامل بحساب ايام العمل المفتوحة، مما يطرح عدة اسئلة حول مقارنة هذه المعطيات بسائر دول العالم لا سيما المجاورة للبلاد و تلك الواقعة في المحيط الاقليمي العربي و المتوسطي، من ناحية و حول تاثير طول مدة العطل على القيمة المضافة الاقتصادية رغم ضعفها، من ناحية اخرى. و في هذا الاطار، فان اخر تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي الدولي في خصوص محور حوكمة راس المال البشري يبين ان معدل ايام العطل الرسمية في الفضاء الاوروبي الذي تربطه بتونس مبادلات وثيقة فيما يتعلق بالتجارة الخارجية و التعاملات المالية (76% من التداولات) لا يتجاوز حوالي 4 ايام في المعدل، في حين يناهز العدد 8 ايام في منطقة شمال افريقيا و الشرق الاوسط بمعنى ان عدد الاعياد في تونس يفوق المعدل الاقليمي على صعيد توقف ايام العمل بمناسبة العطل و الاعياد بنسبة 67.2%سنويا.
 
في جانب اخر، تصل كلفة توقف العمل في سياق الاحتفال بالاعياد و العطل و ذلك بالرجوع للمعطيات الاحصائية المنشرة على موقع البنك المركزي التونسي على مستوى القيمة المضافة الاقتصادية العامة - خصوصا ان التوقف يعني عموما شلل الاستهلاك و تحول المدن الكبرى بشكل ادق الى ساحات قفراء - الى 4027 مليارا من المليمات وهو ما يعادل فقدان نحو 0.24 نقطة مائوية من نمو من الناتج المحلي الخام بحساب الاسعار الجارية و تراجع الاستهلاك العمومي و الخاص بما قدره 3730 مليارا من المليمات و تقلص تكوين راس المال الوطني الثابت بما قيمته 753 مليارا من المليمات.
 
اما فيما يتعلق بالاعياد الهامة للتونسي و ابرزها عيد الفطر و عيد الاضحى، فان توقف العمل يناهز 5 ايام هذا العام ما يعني نقصا في القيمة المضافة ب 1343 مليارا من المليمات دون الاخذ بعين الاعتبار لمسالة "الجسور" ان صح التعبير وهي العطل الموازية او المتممة للاسبوع التي يقع اللجوء اليها بكثافة في مثل هذه المناسبات وهو ما ينجر عنه في الغالب توقف النشاط الاقتصادي الى ازيد من اسبوع بصفة عامة. غير انه و من الملفت للانتباه ان بعض الجهات تطالب انه من المفروض ان يتم إقرار عطلة عيد الإضحى بخمسة أيّام وعطلة عيد الفطر بثلاثة أيّام و على الأقلّ بشكل دائم و يجري تدعيم هذا الاقتراح بحاجة التونسيّين لوقت كاف ومريح للإحتفال بأعيادهم بما يقوّي الجانب العائلي والاجتماعي لديهم، كما يريحهم جسديّا ومعنويّا خاصّة وأنّ نسبة كبيرة منهم - وفق تقدير هذه الجهات - يضطرّون للتنقّل بين مدينة إقامتهم وبين مسقط رأسهم و تعتبر مثل هذه التصورات حسب معايير قيمة العمل و الوقت اليوم في العالم مظاهر يرى البعض انها سلبية. ومن جهة ثانية فإنّ إقرار عطل طويلة و غير معقولة بالأعياد هو امر غير منشّط للإقتصاد بسبب شل حركة الانتاج و الإستهلاك بقطاعات واسعة مثل الصناعة و التجارة والسياحة والترفيه والخدمات والنقل ونحوه..
 
وبالتالي فله مضار اقتصاديّة وماليّة كبيرة. هذا و يؤكد العديد من الخبراء ان التحول الهيكلي للاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد سيما منذ 2011 قد اثر على قيم العمل و الانتاج اذ شهدت تونس 30 الف اضراب دون اعتبار الاعتصامات و الاضطرابات الاجتماعية بسبب تبني مشروع النظام المجلسي الذي شتت الجهود وأحدث تذبذبا على المستوى التشريعي ورسم سياسات التنمية. ومن اهم ما يفسر الوضع ما بعد أحداث 14 جانفي 2011، التطور المحدود لقيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية والذي انتقل من 61.1 مليار دينار إلى 86 مليار دينار طيلة السنوات الثمانية المنقضية وفقا لآخر الإحصائيات المحينة للبنك المركزي التونسي اي بعدل نمو سنوي في حدود 1.5% بالمائة.
 
و بالتالي و حسب الخبراء فان ان تونس لم تحقق، في الواقع، أي نسبة نمو تمّ تقديرها حسب المعايير المتفق عليها. كما يجري التاكيد في ذات السياق انه و وفقا للبيانات الرسمية للمعهد الوطني للإحصاء، فقد انخفض الدخل الوطني المتاح الخام للساكن الواحد بحساب الدولار الأمريكي كمقياس مرجعي، بنسبة 11.6% وهو مستوى مرتفع للغاية يعكس إلى حدّ بعيد تراجع المكاسب المالية للتونسيين مما أدى ولأوّل مرّة تقريبا منذ نهاية السبعينات إلى انهيار الطبقة الوسطى وهو الأمر الذي تسبب في بروز طبقة جديدة يصطلح على تسميتها بالطبقة المتأرجحة. ومن الناحية الكمية، تراجع تكوين راس المال الثابت لتونس (قيمة الادخار الوطني الصافي) من 10402 مليون دينار إلى 8180 مليون دينار خلال نفس الفترة وهي سابقة من نوعها اذ أصبح التونسي يخصص نحو 90% من مدخوله لاستهلاك المواد والخدمات الأساسية والحساسة. وقد انجرّ عن هذا الوضع تراجع نسبة الاستثمار من 22 إلى 16% بالمائة حاليا وبالتالي نقص مواطن الشغل المحدثة الى معدل 50 الف موقع عمل سنويا نتيجة ضعف التوظيف في القطاع الخاص، والتوقف النهائي لنشاط حوالي 5 آلاف مؤسسة فضلا عن تعطّل إحداث ما يقارب عن 7 آلاف منشأة اقتصادية وذلك وفق بيانات وكالة النهوض بالصناعة والتجديد.
09 اوت 2019 23:30

المزيد

المعهد التونسي للقدرة التنافسية يدعو الى تحسين مناخ الأعمال لإنعاش الاستثمار الخاص

 أكد المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، أن تخصيص الدين لتمويل عوامل النمو وخلق الثروات هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي. ودعا ...

28 افريل 2024 15:30

الدورة 11 للجنة المشتركة التونسية الكاميرونية: أبرز مخرجاتها...

 رئيس الاتحاد يرافق وزير الخارجية في زيارته إلى الكامرون بمناسبة أشغال اللجنة العليا المشتركة  رافق السيد سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ...

28 افريل 2024 13:30

ما هي تبعات أسعار السلع الأساسية على الاقتصاد العالمي؟

تعتبر السلع الأساسية من الركائز الأساسية للاقتصاد العالمي، فهي ضرورية لتشغيل مشاريع البناء، وتزويد المركبات بالوقود، وتوفير الموارد الأساسية والمعيشية للأسر. ...

28 افريل 2024 10:00

وزيرة الإقتصاد تترأس الوفد التونسي في إجتماعات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية

 تشارك تونس في الإجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية التي ستلتئم بعاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض من 27 إلى 30 أفريل 2024. وتترأس وزيرة ...

27 افريل 2024 20:00

معهد رؤساء المؤسسات يوصي المؤسسات التونسيّة باستخدام الذكاء الاصطناعي

 يتعيّن على المؤسّسات التونسيّة استباق واستغلال أحدث المستجدات في مجال الذكاء الاصطناعي، لتعزيز قدراتها التنافسية وتحسين إنتاجيتها والحفاظ على موظفيها، ذلك ما ...

27 افريل 2024 19:30