تم تنظيم العديد من ورشات العمل حول الاقتصاد الأخضر في السنوات الأخيرة حددت الإجراءات العاجلة مثل تعزيز الإطار القانوني للاقتصاد الأخضر وتقييم إمكانات بعث مواطن الشغل الخضراء ووضع خريطة وطنية لها وتعزيز التوازن بين الاحتياجات التدريبية والكفاءات وبعث خطط وبرامج التشجيعات لريادة الأعمال الخضراء.
كما تم التأكيد على أهمية التنمية الجهوية محورا لسياسة بعث مواطن الشغل الخضراء. وفي نفس التوجّه، حددت تونس هدفًا قصير الأجل لدمج مواطن الشغل الخضراء في استراتيجية التشغيل الوطنية الجديدة (2014-2017) آنذاك كما تم إنشاء منصة لمواطن الشغل الخضراء في وزارة التشغيل.
قطاعات خضراء واعدة
القطاعات الخضراء الاستراتيجية ترمي عموما الى رفع كفاءة الطاقة بتكاليف استثمار منخفضة و ذلك بغرض خفض تأثيرها على تكاليفها وخلق مواطن شغل. و نذكر منها دعم الطاقة المتجددة والإدارة المتكاملة للنفايات وتوفير المياه ورسكلة مياه الصرف الصحي، الفلاحة البيولوجية، السياحة البيئية على المستوى الجهوي، الصناعة، الاقتصاد الرقمي والبنية التحتية والبناء المستدام.
و قدرت منظمة العمل الدولية عدد مواطن الشغل الخضراء في تونس بحوالي 100 ألف موطن شغل في سنة 2017. وتتركز في قطاعات المياه ورسكلة النفايات والفلاحة والخدمات. وتشير دراسة اقتصادية أجراها معهد الألفية عام 2016 إلى أن الاستثمار الأخضر بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى 5 سنوات يمكن أن يخلق حوالي 300 ألف موطن شغل عمل مباشر في تونس في قطاعات البناء والفلاحة والطاقة.
كما تجدر الإشارة إلى أنه تم إطلاق العديد من المبادرات في إطار التعاون الدولي مع منظمات دولية وإقليمية على غرار الاتحاد الأوروبي، برنامج الأمم المتحدة للتنمية، GIZ، منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، وذلك لتعزيز التدريب في المهن الخضراء وتدعيم مهارات التصرف البيئي للشركات.
السندات الخضراء في تونس، حلّ مبتكر في خدمة الاقتصاد الأخضر
تستعد تونس لإعداد دليل لإصدار الصكوك الخضراء قي الفترة القريبة القادمة خاصة وأن هذه الصكوك تعتمد كأداة تمويل في العالم منذ عقد من الزمن.
و بحسب البنك الدولي، تعتبر الصكوك الخضراء صكوك استدانة يتم لإصدارها لتمويل مشاريع متصلة بالمناخ أو البيئة،. وتتميز الصكوك الخضراء عن الصكوك التقليدية بكون إسنادها مرتبطا بإنجاز مشاريع ذات بعد بيئي أساسا، بعد أن يقيّم المستثمرون الأهداف البيئية المحددة للمشاريع التي تهدف الصكوك إلى دعمها ومن أهمها مشاريع الطاقات المتجددة ورفع كفاءة استخدام الطاقة والتصرف المستدام في النفايات والاستخدام المستدام للأراضي والنقل النظيف والتصرف المستدام في المياه والتكيف مع تغير المناخ والمدن الجديدة.
ووفقا لدراسة للبنك الدولي يتم تسعير الصكوك الخضراء بمستويات قريبة جدا من الصكوك التقليدية، حيث يتحدد سعر العائد وفقا لظروف السوق عند الإصدار مثل أي سند آخر. ويشترط في الصكوك الخضراء على المستثمرين ألّا يُبدوا أي استعداد للتخلي عن العائدات أو دفع تكاليف إضافية مقابل الجانب البيئي للصك وما يتصل به من تقارير.
ومن مزايا الصكوك الخضراء، أنها تتيح لمُصدريها جذب مستثمرين جدد وهو ما يجعل هؤلاء المُصدرين أقل اعتمادا على أسواق معينة. كما تجتذب هذه الصكوك مستثمرين يركزون على الاستثمارات المستدامة والمسؤولة مجتمعيا ويجعلون المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة الرشيدة جزءا من توجّههم الاستثماري. كما تساعد الصكوك الخضراء على زيادة الوعي بالبرامج البيئية.
ويؤكد البنك الدولي أن الصكوك الخضراء قد أثبتت أنها أداة فاعلة في زيادة الوعي، وفتح حوار موسع مع المستثمرين حول المشاريع التي تساعد على التصدي لتحدي تغير المناخ وغيره من التحديات البيئية.
اجمالا، أثبتت السياسات المتبعة منذ عقدين في البلاد أنّ الاقتصاد الأخضر يجب أن يتطور بوصفه جزءا من رؤية متكاملة متعددة الأبعاد تأخذ في الاعتبار مواردها الطبيعية المحدودة وإمكانية خلق مواطن شغل مستدامة وتحسين القدرة التنافسية الصناعية والحد من التفاوت الجهوي. ورغم تنفيذ مبادرات لتعزيز تنمية القطاعات الخضراء وخلق فرص شغل في مجالات واعدة مثل الفلاحة البيولوجية والاقتصاد في الطاقة والصرف الصحي ومعالجة النفايات فإنّه لم يتم إجراء تقييم شامل لهذه السياسات حتى الآن.
