ما هي المدينة التّونسيّة التي سُميّت "الكوفة الصّغيرة " نسبة لكوفة العراق وما علاقتها بالشّيعة ؟

كانت مدينة نفطة من ولاية توزر تسمّى ب"الكوفة الصغيرة" نسبة إلى مدينة الكوفة العراقيّة .

 وتعود هذه التّسمية حسب بعض المؤرّخين نظرا إلى تغلغل هذا المذهب في نفطة خلال القرن الثّامن ميلادي، فيما يذهب البعض الآخر إلى أنّ التّسمية جاءت نظرا لكثرة علماء المدينة آنذاك. 

ولاحظ عدد من الرحّالة المغاربة من بينهم أحمد بن عبد السلام الناصري في كتابه رحلة الفاسي و أحمد بن محمد بن ناصر الدرعي في كتابه "الرحلة الكبرى" قوّة حضور المذهب الشّيعي منذ سنة 908 ميلادي إحدى "الكور" التي خضعت سياسيّا للهيمنة الفاطميّة الشيعيّة، بل إن مدينة نفطة مثّلت إحدى المراكز الشيعيّة الهامّة خلال هذه الفترة وكانت تسمّى أيضا بـ"الكوفة الصّغرى" وذلك لكثرة التشيّع بين أهلها"  على حدّ عبارة الدرعي في الصفحة 104 من كتابه المذكور.

 ويعتبر مؤرّخون آخرون أنّه ومنذ القرن الثّامن ميلادي، عرفت نفطة إستقطاب مجموعات إباضيّة وجدت فيها مجالا ملائما لنشر دعوتها، فعرف فيها هذا المذهب تطوّرا كبيرا وظهرت مراكز علميّة نشيطة ، وقد تواصل هذا المذهب مزدهرا في المنطقة إلى أن بدأ في التّراجع منذ القرن الثّاني عشر ميلادي بفعل تزايد الصّراعات بين شقّي الإباضيّة من وهبيّة ونكّار، إضافة إلى تركيز مدرسة سنّية قويّة قادها أبو علي السّني وتلميذه أبو هلال في سدادة.

ويذكر أنّ آخر التّحقيقات كشفت عن  غياب مدينة نفطة عن المناطق التي تشهد إرتفاعاً في عدد الشّيعة، وأشارت إلى أن ّذلك يعود إلى أسباب تاريخيّة تمثّلت في تركيز الأنظمة السياسيّة الحاكمة باسم المذهب السُّنّي في المدينة للقضاء على الشّيعة، خاصّة بعد إنتقال الخلافة الفاطميّة إلى القاهرة.