في العمق

 العسكريّ السوري و المُحلّل السياسي صلاح قيراطة / الأطماع الإقليمية ودورها في مأساة "الغوطة"

العسكريّ السوري و المُحلّل السياسي صلاح قيراطة / الأطماع الإقليمية ودورها في مأساة "الغوطة"

08 مارس 2018 22:35
 

 مأساة الغوطة الشرقية مستمرة رغم صدور القرار الأممي رقم 2401 ، حيث يمارَس القتل يوميا بدم بارد و يُقتل العشرات من المواطنين ، لا نقصد هنا  العسكريين والمقاتلين فهم اختاروا هذا الدرب أو ألزموا بالسير فيه.

 

الحكومة السورية تقاتل معارضيها تحت مسمى  محاربة الإرهاب  وفي الضفة الثانية لا تنقصهم المبررات والذرائع وكل هذا بدعم ولحساب خارجي ، أمريكي - روسي - إيراني - سعودي - قطري - تركي - وبالمحصلة كله مهما حاول التستر او التدثر يسبح في الفلك الإسرائيلي.

 

الغوطة الشرقية تحذو حذو الغوطة الغربية لجهة وحدة المصير فدوما هي عاصمة الغوطة الشرقية، ليست بأقوى من داريا عاصمة الغوطة الغربية وكذا كافة مدن الغوطتين التي وقعت في اتون حرب لا يعلم سوى الله ما هو مداها والى ماذا سيكون منتهاها، و الخشية _وهذا ما يرفضه العقل السليم_ ان تنٌفذ إرادة إيران الراغبة بإجراء تغييرات ديموغرافية في سورية ، فمن ادعى بأنه جاء لحماية المراقد ( الشيعية ) لنا ان نتوقع منه كل شيء، ومن يواصل جلد نفسه على خلفية ثأرات تعود الى 1500 سنة ليس لنا ان نستغرب منه شيئا من هذا القبيل الآن وفي أي مكان.

 

إيران هذه، وضمن تصريحات قادتها، هي من كان قد نصح الأسد بكيفية التعاطي مع القلاقل وقبل أن تتحول إلى حرب مرعبة ، هي من اقترحت عليه آلية التعاطي مع الحراك الذي بدا بالمطالبة بإسقاط النظام ، ايران هذه بما قدمته من نصائح وقرنته بأفعال والحق يقال انها تسعى  الى تغييرات بهدف إعادة تشكيل سورية على مقاس طهران ( تصدير الثورة الاسلامية ) وهنا جوهر القضية، فإيران كما امريكا لن تخرج من "مولد سورية بلا حمص" لا سيما انها تلاحظ ان الروسي يتناغم مع  ( الاسرائيلي ) وانها ان تمكن الروسي من إخضاع السوري ستكون خارج مأدبة توزيع الغنائم، وعليه فأنا على يقين انها تشعر ربما بأنها ستتراجع جغرافيا  و قد كان دأبها منذ تدخلت لغزو  الشام تاريخيا وفكريا عن طريق تغييرات ديموغرافية ذات صبغة عقائدية .

 

لكن السؤال في هذا المقام وضمن هذا المقال هو :

هل يقبل ( النظام ) البناء على ذلك   طمعاً بدعم من يقفون خلفه ويوفرون له الحماية التي يحتاجها للبقاء في دمشق ومهما كانت النتائج ؟

 

هل سورية الجديدة ستكوّن نتيجة التحولات التي جرت على الأرض، بما في ذلك تدمير مدن كبرى برمتها مع محاولات ايران الحثيثة لجهة تدجين  وتهجين دمشق عبر تغيير طبيعة تركيبتها وتركيبة ريفها سيما غوطتيها اللتان تحيطان بها؟

 

ما أخشاه كعربي قبل أن أكون سوريا ، وكسوري قبل أن أكون مسلما أو مسيحيا أن نصل ليوم نرى فيه ( النظام ) وقد رضخ لرغبات، بل أملاءات الملالي في طهران، لأن الواضح حاليا ان من يحرك الأحداث هو الإيراني والروسي،  والحرب ماضية بطريقها مخلفة مزيدا من الموت والدمار وخراب الديار .

 

وهنا لابد من القول ، ان دمشق واهمة أقولها وإنا عن قولي مسؤول أن   اعتقدت للحظة أن الحلّ الذي اعتمد في ثمانينات القرن الماضي سيبقي ( النظام ) كما هو عليه، على مبدأ "وكأنك يا ابا زيد ما غزيت"، فنحن أمام أكثر من مليون ونصف من الشهداء والجرحى نصفهم من أصحاب العاهات المستديمة وبلا أدنى شك أن ( النظام ) يتحمل جزءا من المسؤولية اقلها الوجدانية ولا يجب ان يمر هذا الأمر بلا مساءلة.

 

فكيف يمكن ( للنظام ) و أنا من ضمن الذين يفاخرون بأنّه لا يزال قائما بعد مضي سبع سنوات على بدء الازمة  ، كيف يمكننا ان نتصوّر للحظة ان يبقى الحال على ما هو عليه ، باختصار اذا اراد الثلاثي

( دمشق - طهران - موسكو ) و ضمنيا ( الاسد - روحاني- بوتين ) ، البقاء على ما  هو عليه عبر مسرحية غبية لجهة تسوية سياسية ناقصة تعيد انتاج النظام كما كان، فهم يريدون الدمار  لما تبقى من سورية.

 

لا يمكن قياس احداث الثمانينات بالحرب الحالية، وباختصار بشار الاسد ليس حافظ الاسد والظروف بكليتها مختلفة اقله لجهة الثورة المعلوماتية ففي الثمانينات وبعد ان دمر ما دمر ، وقتل من قتل في حماة،  بعد هذا بأشهر قال مساعد وزير الخارجية الامريكي لقد سمعنا عن احداث مؤسفة جرت في المنطقة الوسطى من سورية.

 

في سورية التي نسعى اليها وهذا مانريد، يبدو أنّ أسس التسوية لن تتبلور قبل أن يقرّر الأميركي ما الذي يريده، بما في ذلك هل سيكون هناك وجود إيراني في الجنوب السوري، وهو وجود تعترض عليه

( إسرائيل ) شكلا ومضمونا.

 

اجمالا كان متوقّعا أن تكون السنة 2018 سنة التسوية في سورية، لكن كل المعطيات تؤكد انها ستكون سنة بداية مرحلة جديدة من الحرب التي يخوضها ( النظام ) مع الإيراني والروسي في سورية وبدوافع محض مصلحية لجهة ( الحليفين )  وجدت ضالتها في الحرب على الارهاب.

 

الواقع الميداني الحالي  يقول للحظته أنّ شمال شرق سورية، هو تحت السيطرة الأم

الامريكية ، ليس هذا فحسب ، بل لقد عينت مؤخرا سفيرا لها في المنطقة الشرقية من الفرات حيث يحاول تنظيم ( الأسد ) اقامة كيان انفصالي بدعم من القوات الامريكية ، في خطوة مؤداها محاولة اعطاء شرعية لكيان يعبث بالوحدة السورية يتناغم تماما مع الدولة العبرية لجهة العداء لسورية الارض والشعب والتاريخ والجغرافيا .

08 مارس 2018 22:35

المزيد

التعادل في رادس وسوسة يؤجل حسم مصير البطولة

 تعادل النجم الرياضي الساحلي مع ضيفه الترجي الرياضي التونسي (0-0)، السبت 10 جوان 2023، في المباراة التي جمعتهما لحساب الجولة 11 من مرحلة التتويج للرابطة ...

10 جوان 2023 19:33

أزمة التعليم الأساسي وملف المعلمون النواب الى أين؟ .. متى ومن سيحسم الجدل؟

راهنت تونس منذ فجر الاستقلال الى اليوم على قطاع التعليم والاستثمار فيه وتم اعتباره قاطرة التنمية بفضله تم بناء مؤسسات الدولة وتحقيق العديد من الأهداف  وعلى الرغم ...

10 نوفمبر 2022 11:13

النساء المعنّفات في تونس... جرح مفتوح وقانون مع "وقف التطبيق"

 بوجه شاحب عليه بعض الكدمات وآثار تعذيب، تتقدم إحدى ضحايا العنف الزوجي لفرقة مختصة  في البحث في قضايا العنف  ضد المرأة والطفل  بالعاصمة، بشكاية  ضد زوجها الذي ...

24 مارس 2022 13:45

تونس تواجه موجة اضرابات متصاعدة... انتقادات لسياسة حكومة بودن واتهامات بخلق أزمة

بعد توصل الطرف الحكومي ممثل في وزارة الصناعة والطاقة والمناجم والطرف الاجتماعي الممثل في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الى اتفاق ينهي ...

24 مارس 2022 12:52

بعد لقاء اذابة الجليد... الطبوبي يحذّر وسعيّد يلمّح لحوار وطني

 "لا تنائي ولاجفاء" ..بهذه الكلمات استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي نور الدين الطبوبي في آخر لقاء جمعهما  خلال جانفي المنقضي ...

23 مارس 2022 14:27