قال المحلل السوري صالح قيراطة انه تزامُناً مع سحب السلاح الثقيل من منطقة ادلب المتوافق عليها بموجب تفاهم سوتشي بين الرئيسين ( بوتين - أردوغان ) فقد بدأت تركيا بإرسالِ أسلحةٍ وسياراتٍ مُدرَّعة استعداداً لتنفيذ دوريات في مناطق الجماعات المسلحة.
و اضاف في حوار مع اخر خبر اونلاين ان الجماعات المعارضة المُسلّحة الخاضِعة للنفوذِ التركي في الشمالِ السوري سحبت خلال اليومين الماضيين أسلحتها الثقيلة مثل راجمات الصواريخ والمدافع على اختلاف أنواعها، مع الإبقاء على عناصرها مع أسلحتهم الخفيفة والمتوسّطة من المنطقة التي يُفترَض أن تكون عازلة بعُمقٍ يمتدّ من 15 إلى 20 كيلومتراً في إدلب .
وتزامُناً مع الانسحاب، بدأت تركيا بإرسالِ أسلحةٍ وسياراتٍ مُدرَّعة استعداداً لتنفيذ دوريات في مناطق الفصائل المسلحة، بموازاة ما ستقوم به القوات الروسية في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
و اعتبر قيراطة انه لا يمكن الجَزم بأن الاتفاق سيفضي إلى نفس الخواتيم التي تشتهيها جميع الأطراف المُنخرِطة فيه، فلكلّ طرفٍ تفسيراته وتأويلاته الخاصة لبنود الاتفاق، فموسكو كانت واضِحة على لسان وزير خارجيتها بضرورة عودة إدلب إلى كَنَفِ الحكومة السورية في نهاية المطاف. أمّا الرئيس التركي فبدا جازِماً أن قواته لن تخرج من سورية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية فيها، بما لا يتّفق ومُقرّرات سوتشي.
في حين كل فصيل مُسلّح في إدلب لديه تفسير مختلف أو مُتباين عن تفسيرات الفصائل الأخرى في فَهْمِ بنود الاتفاق، بدوره الرئيس الأسد كان صريحاً أن الاتفاق هو إجراء مؤقّت وليس نهائياً.
وكانت عدّة مؤشّرات دلّلت على المصاعِب التي تواجه تركيا في تنفيذ اتفاق سوتشي في إدلب :
منها نفي ( الجبهة الوطنية للتحرير ) التي تضمّ عدداً من الفصائل المُقاتِلة وجود أيّ بندٍ في اتفاقِ سوتشي يقضي بتسليم المجموعات المُسلّحة سلاحها لأية جهة كانت.
ومنها أيضاً، مطلب ( جيش العزّة ) الذي ينشط في ريف حماة الشمالي، أن تكون المنطقة العازِلة مُناصَفة، حيث تشمل مناطق تقع تحت سيطرة القوات الحكومية. ورفضه تسيير دوريات روسية داخل الأراضي الخاضعة للمُعارضة.
و اضاف انه خِلافاً لكل الفصائل المُسلّحة، لم يصدر عن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة المُرتبطة بالقاعدة سابقاً) منذ توقيع الاتفاق ما يُحدِّد موقفها من الاتفاق، المؤكَّد أنها تجري مُحادثاتٍ داخلية مُكثّفة قبل صدور بيانها الرسمي، والمرجِح أنها ستذعن للانسحاب وإن لم تباركه، فهي تفضّل المُداراة على المواجهة في هذه الحال.
و اعتبر قيراطة ان تركيا التي تتهيّأ لعقدِ القمّة الرُباعية (تركيا – روسيا – فرنسا – ألمانيا) في إستنبول في النصف الثاني من الشهر الجاري لا تمتلك سوى إنجاح الاتفاق كون مصالحها المشتركة مع الروس وغيرهم أضحت على المِحكّ، فهي تُسابق الوقت للحدّ من حجم خسائرها في سورية في سبيل الحفاظ على ما تبقّى لها من نفوذ، بغية استثماره في المفاوضات السياسيّة الجديّة التي ستعقب الحلّ العسكري في عموم سورية، وهذا ما يُفسِّر ربط أردوغان توقيت خروج قواته من سورية بالانتخابات الرئاسية فيها.
لذلك لا يرغب أردوغان الظهور حالياً بصورة الرجل المُخفِق أو العاجِز أمام نظيره الروسي بوتين، فقد منحت روسيا تركيا الفُرَص العديدة للحفاظ على التفاهُم القائم بينهما في سورية، وطمعاً في تطوير العلاقة إلى شراكة استراتيجية تكفل تحييد أنقرة عن حلف الأطلسي في علاقات الأخير مع موسكو.