أصبحت النقود الافتراضية تقدم نفسها يوما بعد يوم بثبات، حتى بدأت النقودة الورقية اليوم وكأنها تسير بثبات نحو نهايتها المحتومة كعملة ثانوية. لكن لا تزال التكنولوجيا المستخدمة في التعاملات الرقمية في أوائل مراحلها(1).
ويعد الشيكل الإسرائيلي، هو العملة الرئيسة المتداولة في المعاملات التجارية اليومية في الأراضي الفلسطينية، و بين المؤسسات الحكومية الفلسطينية والقطاع الخاص، و العملة التي تصرف بها رواتب الموظفين العموميين وغالبية موظفي القطاع الخاص.
لذلك يثور التساؤل، ما هي الخيارات المتاحة أمام الفلسطينين بالعلاقة مع العملات المتداولة على أراضيهم وما هي سياساتهم النقدية؟
وتأتي هذه الورقة لمعرفة ما يخطط به الآخر، ومحاولة معرفة مستقبل العملة الافتراضية في اسرائيل:
- ما هو النظام الذي يحكم العملات الافتراضية ؟
- وهل يعتبر الشيكل الرقمي من النقود القانونية؟
الموقف الرسمي في اسرائيل(2).
1. البنك المركزي:
بنك اسرائيل: البنك المركزي في اسرائيل، هو السلطة الوحيدة لإصدار العملات النقدية. وبموجب قانون بنك إسرائيل 2010، الذي منحه صلاحيات حصرية لإصدار النقود القانونيّة في إسرائيل. الشيكل الجديد: هو العُملة النقدية الرسمية في إسرائيل. يتم تداوله في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية على حدِّ سواء(3). بدأ التداول به للمرة الأولى، بتاريخ 4 أيلول 1985 كجزء من برنامج حكومي يهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد(4).
قسم العملة في بنك اسرائيل، من ضمن وظائفه: إصدار وتنظيم وتوجيه نظام العملات، وضمان التدفق المنتظم للاموال النقدية إلى الجهاز الاقتصادي بحسب العرض والطلب، والتعامل مع الكتل المالية.
وزارة المالية والبنك المركزي الإسرائيلي يعكفان على دراسة حول إمكانية إنشاء عملة رقمية خاصة. من الممكن أن تحمل العملة اسم "الشيكل الرقمي"، والتي من شأنها أن تتوافق مع قيمة الشيكل المادية.
كشف تقرير حديث(5)، أن البنك المركزي الاسرائيلي يفكر في إصدار عملة رقمية خاصة به، من أجل إنشاء نظام دفع أسرع وغير نقدي، ومعالجة التهرب الضريبي.
وجاء ذلك في نقاشات حكومية بالكنيست، أن مُصدر الشيكل الرقمي سيكون "بنك إسرائيل" وسيصل إلى الجمهور بنفس الطريقة التي يصل بها النقد إلى الجمهور اليوم، ويمكن تداوله عبر الحسابات المصرفية، وبطاقات الصراف الآلية، وبالتالي سوف يضمن منع عمليات الاحتيال.
الحكومة (الإسرائيلية) مستعدة لإدراج العملة الرقمية في ميزانيتها لعام 2019 إذا حصلت على موافقة الحكومة، تماشياً مع البنوك المركزية العالمية التي تقوم بدراسة استخدام العملات الرقمية في بلدانها.
ويتوقع أن يكون للعملة الرقمية المسجلة لدى حكومة تأثيرٌ إيجابي في تخفيض معاملات السوق السوداء فنحو 22٪ من إجمالي الناتج القومي للبلاد يأتي من الاقتصاد الأسود.
كما إن الحكومة تعمل على إقتراح مشاريع القوانين التي من شأنها أن تقلل إلى حد كبير من حجم الأوراق النقدية في التداول. فعلى سبيل المثال، أحدى هذه الاقتراحات إصدار قانون يمنع دفع الأجور نقدًا.
الشيكل الرقمي: و جاء ذلك بعد أن عرضت الحكومة "مشروع قانون الترتيبات الاقتصادية"، في الكنيست، والذي وافق على تشكيل لجنة منفصلة لبنك إسرائيل للنظر في إنشاء الشيكل الرقمي. الذي هو الان قيد الدراسة والإعداد ويتوقع له أن يكون في التعامل الرسمية قريباً، بعد ان يتولى البنك المركزي تنظيم عملية إصداره. ولا يفترض أن يؤدي إصداره إلى تغيير القاعدة النقدية للبلاد، أو للنظام النقدي الحالي.
شركة Colu - Block chain(6)، المحفظة رقمية بإسرائيل، كانت شريكًا في الحوار مع الحكومة لتنفيذ العملة الرقمية المقترحة.
Bitcoin في اسرائيل:
اما عن مصير البيتكوين فلا يمكن اعتبار عملة حقيقية لأنها لا تملك المقومات التي يتوجب ان تتوفر في النقد المتداول، كما انها لا يتناسب مع التعريف القانوني للبنك المركزي للنقد، الذي يعتبرها أصل من الاصول المالية(7). بالإضافة إلى طابعها المجهول الذي يؤدي إلى إمكانية استخدامها في غسل الأموال والجرائم المالية.
دائرة الرقابة المصرفية في بنك اسرائيل شكلت فريقا داخليا للنظر في مخاطرBitcoin. مع وجود صعوبة حقيقية في إصدار مبادئ توجيهية شاملة بشأن الاسلوب الصحيح لتقدير وإدارة ورصد المخاطر الكامنة في هذا النشاط.
مكتب مكافحة غسيل الأموال، التابع لوزراة العدل في إسرائيل، يؤكد على ضرورة اجراء تحقيقات شاملة حولها. وضع قواعد أكثر صرامة لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب على منصات تداول Bitcoin وغيرها من العملات الرقمية فهذه العملات يصعب تعقبها.
2. مصلحة الضرائب:
أكدت مصلحة الضرائب في تعميمٍ رسمي أن البلاد سوف تقوم بفرض الضرائب على العملات الرقمية كممتلكات وليس عملات. وهذا يعني أن كل عملية شراء تتم باستخدام العملة الرقمية تعتبر من الناحية الفنية بمثابة بيع للممتلكات، وبالتالي تخضع لضريبة أرباح رأس المال.
مسودة التعميم أشارت إلى العملات الرقمية بأنها وحدات تُستخدم للمقايضة يمكن ان تستخدم لأغراض الاستثمار. وفقًا لهذا التعريف سيتم اعتبار هذه العملات أصولًا وسيتم بيعها على أنها "صفقة" وسيتم تصنيف عائدات بيعها كعائدات على رأس المال.
أي أن هذه العملات الرقمية ستخضع للضريبة بموجب ضريبة الأرباح على رأس المال والتي تبلغ في إسرائيل ٢٥٪ بالنسبة للمستثمرين من القطاع الخاص مع معدل هامشي يبلغ ٤٧٪ للشركات.
دائرة الإيرادات الداخلية Internal Revenue Service فرضت ضريبة على العملات الرقمية كممتلكات منذ اذار ٢٠١٤.
لن تضاف ضريبة القيمة المضافة الاستهلاكية العامة في إسرائيل بالنسبة للمستثمرين الأفراد، حيث تعتبر العملات الرقمية أصولًا غير ملموسة تُستخدم لأغراض الاستثمار فقط، ولكن الشركات سوف تضطر لدفع ضريبة القيمة المضافة. أيضًا على تصنيف القائمين (تصميم نظام شبكة للتحويلات الرقمية) على أنهم "تجار" لأغراض ضريبة القيمة المضافة(8).
3. هيئة الاوراق المالية:
اعلنت هيئة الاوراق المالية الاسرائيلية انها تسعى لحظر تداول اسهم الشركات التي تتعامل بالعملات الرقمية من بورصة تل ابيب، لحين تشريع وتنظيم مثل هذه التداولات.
صرح رئيس هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية إنه أقترح نظام يحظر تداول أسهم الشركات التي يتركز نشاطها على عملة Bitcoin والعملات الرقمية الأخرى في بورصة تل أبيب. وإنه المقترح معروض على مجلس هيئة الأوراق المالية.
وإذا تمت الموافقة عليه، سيخضع للمناقشة العلنية وبعد ذلك ستحتاج لوائح بورصة تل أبيب إلى التعديل.
وأردف قائلا: إذا كانت لدينا شركة نشاطها الرئيسي العملات الرقمية، فلن نسمح لها، وإذا كانت مدرجة بالفعل، سيجري تعليق التدوال عليها.
وأضاف أن الهيئة تعمل على إيجاد تنظيم ملائم لمثل تلك الشركات. إن الشركات التي يتركز نشاطها على Bitcoin لن تدرج على مؤشرات بورصة تل أبيب وإن هناك حاجة لإطار عمل تنظيمي مناسب لمثل تلك الأدوات بالنظر إلى أن القيمة السوقية العالمية لجميع العملات الرقمية نمت في عام 2017 إلى 300 مليار دولار من 18 مليار دولار.
4. المحكمة العليا:
المحكمة الإسرائيلية العليا وهي اعلى سلطة قضائية حظرت على البنوك تقييد أنشطة العملات الرقمية، حيث اصدرت أمرًا قضائيًا مؤقتًا يحظر على بنك "ليومى" تقييد الحسابات المرتبطة بمجال العملات الرقمية. وبذلك بعد ادعى البنك إلى عدم قدرة معاملات Bitcoin على اتباع قوانين مكافحة غسل الأموال الإسرائيلية كسبب لرفض الخدمة.
كما شرع بنك "ليومي" أيضًا في حجب مدفوعات العملاء إلى بورصات Bitcoin، مستشهدًا بالقانون الإسرائيلي ضد المقامرة والتعليمات الصادرة عن بنك إسرائيل كسبب لإيقاف هذه المدفوعات إلى "المواقع الإلكترونية التي تنفذ معاملات المقامرة.
المراجع
(1)_ مصطلح التكنولوجيا المالية أو Financial technology تم اختصارها في FinTech يمكن أن تنطبق على أي ابتكار في كيفية تعامل الناس مع الأعمال في المدفوعات، التحويلات المالية، المحافظ الرقمية..... ومنذ ثورة الإنترنت، نمت FinTech في جميع انحاء العالم بشكل متسارع وازداد الاستثمار فيها. تحول رقم الاستثمار فيها في خلال الثلاث سنين الماضية من 930 مليون دولار امريكي الي 12 مليار دولار امريكي.
(2)_ يلقى النقود الافتراضي معارضة من المتدينين الحريديم: الذبن يعيشوا حياتها اليومية المنغلقة وفق طقوس دينية للشريعة اليهودية ومن شأنها أن تحد من حركة مشترياتهم.
(3)_ يستخدم الفلسطينيون الشيكل كعملة رئيسة في معاملاتهم اليومية المحلية، إضافة إلى الدينار الأردني، وفي أحيان اخرى الدولار الأميركي. تشير معطيات بنك إسرائيل لعام 2014 أن إجمالي كمية عملة الشيكل الجديد نقدا وصلت إلى نحو 63 مليار ش. ج. في حين أن نحو %97 من إجمالي المبلغ كان من الأوراق النقدية.
(4)_ بعد ان أُصيب الاقتصاد الإسرائيلي بخيبة أمل كبيرة حيال عجز الشيكل عن المحافظة على قيمته بسبب ازدياد حدّة التضخم المالي، مما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى استبداله بـ" شيكل جديد"، الذي لا يزال معتمدا عملة رسمية إلى يومنا هذا.
(5)_ وفقاً لمواقع صحفية: الاقتصادية الإسرائيلية TheMarker ، (International Business Times UK ).
(6)_ مصطلح (Block chain) هي إحدى التقنيات الجديدة والناشئة أساسا لدعم وتحقيق الاقتصاد الرقمي، حيث يمكن أن توفر وسائل سلسة وفعالة لتشفير (درجة الأمان) أنظمة المعاملات الرقمية ومواجهة التهديدات المتنامية في أمن المعلومات.
