رغم انخفاض الادخار الوطني : ثلث انفاق التونسيين على السفر موجه للحج و الشعائر الدينية

كشف تقرير البنك المركزي التونسي لسنة 2018 ان انفاق التونسيين على السفر يساوي 2.288 مليون دينار بزيادة تبلغ 18.9% مقارنة بالعام السابق.

وتمثل نفقات السياحة حسب المعطيات التي ابرزها البنك 60% من مجموع نفقات السفر التي تم إحصاؤها. وفسّر المركزي التونسي زيادة نفقات السفر بأنها نتيجة ارتفاع الكلفة بفعل انزلاق سعر الدينار مقابل العملات الأجنبية ولا سيما منها الاورو والدولار، مشيرا إلى زيادة عامة في النفقات الخاصة بالسياحة بنسبة 24.1%.

يذكر، من جهة اخرى، انه و وفقا للبيانات الاحصائية لوزارة الشؤون الدينية التي تبين ان عدد الحجيج يناهز هذا الموسم 10.980 و بعد احتساب كلفة تبلغ 13.9 ألف دينار للشخص الواحد فان تكاليف الحج لهذا الموسم تناهز 153 مليارا و ذلك بزيادة نسبتها 20.8% مقارنة بالموسم الفارط مما يشكل ارتفاعا كبيرا، لم يسجل من قبل على هذا الصعيد.

كما تفيد معطيات لجنة العمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة بان عدد المعتمرين يرتفع سنويا و في المعدل بنسبة 15% مع توقع تجاوزه 90 ألفا طيلة سنة 2019 و ذلك مقابل تسعيرة تتراوح بين 3000 و 5000 دينار حسب الفترة و نوعية العمرة بما يعني ان كلفة العمرة تصل في المعدل و بشكل اجمالي الى 360 مليارا.

هذا و يؤكد عدد من وكلاء الاسفار ان عديد الاشخاص يمارسون الوساطة في مجال سفر الاف المعتمرين لأداء مناسكهم. و على هذا الاساس، فانه من المرتقب من ناحية حسابية صرفة ان ترتفع كلفة العمرة و الحج الى حوالي 700 مليون دينار بعنوان هذا الموسم. و من هنا فان انفاق التونسيين في محور السفر على هذه الشعائر الدينية هو في حدود نسبة الثلث.

غير انه و في سياق متصل و استنادا الى المعطيات الاحصائية الرسمية فلم يثني ارتفاع معدلات التضخم  و ما يسببه من ضغوط على كاهل المواطنين ومن ثم تراجع معدل الادخار من 20% في عام 2010 إلى 11% من الناتج الداخلي الخام خلال سنة 2018 من ارتفاع لنفقات السفر بمختلف اصنافه.

و يقصد بالادخار اقتطاع جزء من الدخل والحرمان المؤقت من الاستهلاك، للدفع بالمال في شرايين الدورة الاقتصادية للمجتمع، فتتجمع مدخرات المجتمع عبر القنوات المختلفة، ليتم ضخها فى مسارات الاستثمار بمجالاته المتعددة وعلى أهمية معدلات ارتفاع الادخار فإن الوضعية اليوم أصبحت مثيرة للقلق حسب عدة خبراء.

و يرجع المتخصصون في الشان المالي أسباب هذا التدحرج إلى عدم تطور الدخل الصافي للمواطنين وللشركات نظرا لتقلص نسبة النمو بالإضافة إلى صعود نسبة التضخم المالي الذي يدفع إلى استعمال أغلبية الموارد لتلبية حاجيات الاستهلاك. كما أن هذا التراجع يعد عاملا حاسما في نقص السيولة.

هذا و أشار مؤخرا جابر بن عطوش رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة أنّه بحكم السقف المالي المحدّد لتحويلات وكالات الأسفار، لا يجد التونسي ضالّته في وكالات الأسفار القانونية فيلتجئ إلى السوق الموازية المكوّنة من شركات الخدمات ومتعهّدي الرحلات و وغيرهم من الدخلاء.

ويبلغ عدد شركات الخدمات مثلا حوالي 4200 شركة لها ترخيص تحت معرّف تنظيم الملتقيات والمنتديات لكنّهم يتولّون تنظيم سفر التونسيين إلى الخارج وينظّمون جميع خدماتهم بالتنسيق مع الطرف المقابل في الدولة الأجنبية. وهذا ما جعل حوالي 850 ألف من التونسيين يسافرون عن طريق وكالات أسفار غير قانونية وبتحويلات غير قانونية (حوالي 900 مليون دينار تصرف عن طريق السوق الموازية) وهو ما يمثّل خسارة للدولة بـحوالي 350 مليون دينار ولا يسافر عبر الوكالات القانونية المعتمدة سوى 150 ألف تقريبا.